الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَوَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ والصلاة والسلام على الشاهد المبشر النذير وبعـــــــــــــــد
[b]
جاء القرآن الكريم ليصحح عقائد الناس وتصوراتهم، ويغير سلوكياتهم، التي لا تلائم منهج الحق الذي جاء به، مبيناً لهم العقيدة السليمة التي عليهم أن يلتزموا بها، ومرشداً إياهم إلى السلوك السوي المفضي إلى جنات النعيم.
ومن العادات التي كان عليها أهل الجاهلية ما أخبرت عنه الآية الكريمة، وهي قوله تعالى: {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها} (البقرة:189).
وقد ذكرت كتب التفسير جملة من الروايات حول سبب نزول هذه الآية، نأتي على أهمها فيما يلي:
[b]الرواية الأولى: عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: نزلت هذه الآية فينا، كانت الأنصار إذا حجوا، فجاءوا، لم يدخلوا من قِبَل أبواب بيوتهم، ولكن من ظهورها، فجاء رجل من الأنصار، فدخل من قِبَل بابه، فكأنه عُيِّر بذلك، فنزلت: {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها}، رواه البخاري ومسلم، وهذه الرواية أصح ما ورد في سبب نزول هذه الآية.
الرواية الثانية: عن جابر رضي الله عنه، قال: كانت قريش تدعي الحُمْس، وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام، وكانت الأنصار، وسائر العرب لا يدخلون من باب في الإحرام، فبينا رسول الله في بستان إذ خرج من بابه، وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري، فقالوا: يا رسول الله إن قطبة بن عامر رجل فاجر، وإنه خرج معك من الباب، فقال له: (ما حملك على ما صنعت؟)، قال: رأيتك فعلته، ففعلت كما فعلت، فقال: إني رجل أحمسي، قال: فإن ديني دينك، فأنزل الله الآية. رواه الحاكم في "المستدرك" وصححه.
ونحو هذه الرواية، ما روي عن قيس بن حبتر من أن ناساً كانوا إذا أحرموا، لم يدخلوا داراً من بابها، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه داراً، وجاء رجل من الأنصار فتسوَّر الحائط، ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما خرج من باب الدار، خرج معه الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حملك على ذلك؟ قال: يا رسول الله، رأيتُك خرجتَ منه، فخرجت منه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني رجل أحمس! فقال: إن تكن رجلا أحْمس، فإن ديننا واحد! فأنزل الله تعالى {وأتوا البيوت من أبوابها} الآية. ذكره السيوطي. وهو حديث مرسل.
وفي رواية قريبة رواها الطبري عن ابن عباسرضي الله عنهما، أن رجالاً من أهل المدينة كانوا إذا خاف أحدهم من عدوه شيئاً، أحرم فأمن، فإذا أحرم لم يلج من باب بيته، واتخذ نقباً من ظَهر بيته. فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، كان بها رجل محرم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل بستاناً، فدخله من بابه، ودخل معه ذلك المحرم، فناداه رجل من ورائه: يا فلان، إنك محرم، وقد دخلت! فقال: أنا أحمس! فقال: يا رسول الله، إن كنتَ محرماً، فأنا محرم، وإن كنتَ أحمس، فأنا أحمس! فأنزل الله تعالى الآية، وأحل الله للمؤمنين أن يدخلوا من أبوابها. ونحو هذا مروي عن قتادة والزهريوغيرهما.
الرواية الثالثة: روى الطبري عن إبراهيم النخعي، قال: كان ناس من أهل الحجاز، إذا أحرموا، لم يدخلوا من أبواب بيوتهم، ودخلوا من ظهورها، فنزل قوله سبحانه: {وأتوا البيوت من أبوابها}.
ونحو هذه الرواية ما رواه الطبري عن قتادة، قال: كان هذا الحي من الأنصار في الجاهلية، إذا أهلَّ أحدهم بحج أو عمرة، لا يدخل داراً من بابها، إلا أن يتسور حائطاً تسوراً، وأسلموا وهم كذلك. فأنزل الله تعالى في ذلك ما تسمعون، ونهاهم عن صنيعهم ذلك، وأخبرهم أنه ليس من البر صنيعهم ذلك، وأمرهم أن يأتوا البيوت من أبوابها.
الرواية الرابعة: عن محمد بن كعب، قال: كان الرجل إذا اعتكف لم يدخل منزله من باب البيت، فأنزل الله هذه الآية. أخرجه ابن أبي حاتم بإسناد ضعيف.
الرواية الخامسة: عن عطاء، قال: كان أهل يثرب إذا رجعوا من عيدهم، دخلوا منازلهم من ظهورها، ويرون أن ذلك أدنى إلى البر، فأنزل الله هذه الآية.
[/b][/b] |
ضع تعليق بحسابك فى الفيس بوك لدعم المنتدى |
|